منوعات

«اليرزة» ترفع «السقف» وواشنطن:تحرك الجيش غير كافٍ!

ابراهيم ناصر الدين - الديار

في محاولة مفضوحة لترهيب المدنيين، وفي اطار الحرب النفسية التي اختار العدو تزامنها مع الذكرى الاولى لبدء ضرباته الدنيئة في ايلول الماضي، وعشية وصول المبعوثة الاميركية مورغان أورتاغوس، شن الطيران الحربي سلسلة غارات عنيفة على عدد من المدن والقرى مستبقا ذلك بنشر «الخرائط الحمراء» السيئة الذكر، وذلك في اصرار من حكومة اليمين المتطرفة على محاولة «كي وعي» البيئة الحاضنة للمقاومة التي ردت بتصميمها على التمسك بالارض من خلال العودة الى المناطق التي استهدفت فور انتهاء الغارات، بعد اخلاء قسري لبعض الوقت، حيث عادت الحياة الى طبيعتها، وذلك في تحدٍ مباشر لنيات العدو لمنع عودة الاستقرار الى الجنوب. سياسيا، وبينما تغرق الحكومة التي «غسلت يديها» من قانون الانتخابات، في دراسة موازنة تثير الكثير من علامات الاستفهام لخلو ارقامها من ملف اعادة الاعمار، اعيد الاعتبار الى خط التواصل بين رئاسة الجمهورية وحزب الله على قاعدة فصل الملفات، اي وضع الخلاف حول ملف «حصرية السلاح» جانبا، والتنسيق لتسيير شؤون البلاد، فيما لا يزال خط التنسيق مفتوحا بين المقاومة وقيادة الجيش لما يصب في مصلحة الاستقرار في ضوء تصاعد الاعتداءات الاسرائيلية.

علاقة بعبدا وحزب الله
وفي هذا السياق، عادت «الحرارة» الى العلاقة بين رئاسة الجمهورية وقيادة حزب الله، اثر برودة اعترت العلاقة عقب الخلاف على ملف «حصرية السلاح». وفي اول لقاء بعد الجلسة الحكومية في الـ 5 من الشهر الجاري، التقى مستشار الرئيس اندريه رحال رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد ليل الاربعاء الخميس، ووفق مصادر مطلعة، يؤسس هذا الاجتماع لزيارة مرتقبة لرعد الى القصر الجمهوري بعد ان عاد مسار الحوار الى الانطلاق مجددا، حيث تم التفاهم على ان يكون الاستقرار اولوية، وبعد نقاش المواضيع كافة بصراحة تامة تم التاكيد على ضرورة تفعيل العمل الحكومي، وقد كانت لحزب الله ملاحظات على الموازنة لعدم وجود اي ذكر لاعادة الاعمار، كما حضر قانون الانتخابات في اللقاء وكان الحرص مشتركا على اجرائها في موعدها. وفق المعلومات، فإن ثمة تأسيسا لعلاقة تقوم على فصل الملفات، لجهة تجاوز الخلاف حول «حصرية السلاح» واستمرار التعاون في الملفات الاخرى. وفي سياق متصل، فان التواصل بين قيادة الجيش وحزب الله لا يزال على حاله لجهة التنسيق حيث يجب ذلك في اطار مواجهة الاعتداءات الاسرائيلية، والحفاظ على الاستقرار الداخلي.

تصعيد اسرائيلي
ففي ظل مخاوف من تصعيد ممنهج في الايام المقبلة تزامنا مع الذكرى الاولى للعدوان، رفعت دولة الاحتلال المحاصرة بضربات موجعة تلقتها بالامس في غزة حيث قتل 4 من ضباطها، وبعملية ادت الى مقتل اثنين على جسر الملك الحسين على الحدود مع الاردن، وسقوط مسيرة اطلقت في اليمن على فندق في مدينة ايلات السياحية، رفعت من منسوب اعتداءاتها على مدن وقرى الجنوب بغارات جوية استهدفت مباني سكنية مدنية ادعت انها مراكز لحزب الله. وفيما تقف الدولة اللبنانية بسلطاتها التنفيذية والتشريعية عاجزة عن القيام بشيء وتكتفي بالادانة بخجل، ولا تقدم حتى على خطوات ديبلوماسية توثق العدوان المستمر، كان لافتا الموقف المتقدم للجيش والذي ربط على نحو مباشر اي تقدم في ملف انتشاره و «حصرية السلاح» بدءا من جنوب الليطاني بوقف هذه الاعتداءات. ولهذا كان حزب الله واضحا بدعوته السلطات الرسمية إلى حسم خيارها الوطني واعادة النظر في رهانات بعض من فيها. ودعا النائب حسن فضل الله الدولة وأداتها التنفيذية، أي الحكومة، لاتخاذ موقف وطني عملي ينسجم مع تطلعات شعبها بوقف مسلسل امتهان الكرامة الوطنية واستباحة السيادة، وحزم قرارها لجهة التصدي للعدوان بكل الوسائل الممكنة ولديها منها الكثير متى قررت التصرف كحكومة مسؤولة عن شعبها وملتزمة حماية السيادة.

الحرب النفسية
وهذا التصعيد الميداني، يندرج في محاولة تجديد الحرب النفسية ضد اللبنانيين وبيئة المقاومة بعد ان عادت الخرائط الاسرائيلية الحمراء للظهور مجددا في الذكرى السنوية الاولى للحرب على لبنان، وكذلك رفعا لمعنويات الجمهور الاسرائيلي خصوصا في مستوطنات الشمال. ووفق مصادر معنية، لا قيمة امنية او عسكرية لما قامت به قوات الاحتلال بالامس، بل كانت خطواتها مجرد محاولة لترويع السكان، وعرقلة عودة الحياة الى طبيعتها، فلو كانت المواقع امنية او عسكرية تابعة للمقاومة كما ادعى الناطق باسم قوات الاحتلال افيخاي ادرعي، لكان الطيران الحربي نفذ اعتداءاته دون انذار مسبق، ولم يكن ليسمح بحصول اخلاء من المنطقة. ولهذا لم تعد «اكاذيب» الاحتلال تجوز على احد.

«الرسالة» لمن؟
كذلك فان توقيت الاعتداءات، جاء عشية وصول المبعوثة الاميركية مورغان اورتاغوس الى بيروت يوم غد حيث ستقتصر زيارتها على لقاءات امنية لمتابعة خطة الجيش، وتجتمع ايضا مع لجنة «الميكانيزم»، على ان تعود الى لبنان لاجراء لقاءات سياسية بعد اسبوعين. ووفق مصادر دبلوماسية، تتقصد حكومة الاحتلال ابلاغ من يعينهم الامر، بانها ليست في صدد تغيير استراتيجيتها في التعامل مع الساحة اللبنانية، ولا تاخذ بعين الاعتبار اي خطة امنية تبنتها الحكومة اللبنانية، وتوجه «رسالة» واضحة الى من يعنيهم الامر، بان واشنطن ليست في صدد الضغط عليها، وما تقوم به المبعوثة الاميركية يصب في مصلحة تعزيز الموقف الاسرائيلي لجهة استمرار الضغط العالي على لبنان.

موقف متقدم للجيش
هذا التجاوز مجددا لكل ما يحكى عن ضمانات يسقط دون اي حماية جدية من الدول الضامنة، وكذلك من الدولة اللبنانية التي تجد نفسها محرجة، لكنها تكتفي باصدار بيانات «لا تغني ولا تسمن عن جوع»، فيما تغيب الديبلوماسية اللبنانية عن مجرد رفع شكوى الى مجلس الامن، قابلها بيان لافت من مديرية التوجيه في الجيش اللبناني حيث حذر من أن هذه الاعتداءات والخروقات تعيق انتشار الجيش في الجنوب، واستمرارها سيعرقل تنفيذ خطته ابتداءً من منطقة جنوب الليطاني، واشار الى ان العدو الإسرائيلي يواصل خروقاته التي فاق عددها 4500 خرق منذ دخول اتفاق وقف الأعمال العدائية حيز التنفيذ، وفي هذا الإطار، اكد البيان ان العدو الإسرائيلي يستمر في اعتداءاته على المواطنين وآخرها استهداف عدد من القرى الجنوبية، بالإضافة إلى المدنيين في عدة مناطق آهلة، ما يسفر عن وقوع شهداء وجرحى. يتزامن ذلك مع خروقاته المتمادية للسيادة اللبنانية برًّا وبحرًا وجوًّا، وارتكاباته المستمرة ضد سكان القرى الحدودية، بما في ذلك إطلاق القنابل الحارقة وتفجير المنازل.

تنديد رئاسي
وقد ندد رئيس الجمهورية العماد جوزف عون بالغارات الاسرائيلية امس، بعد اعتداءات مماثلة استهدفت قبل ايام مناطق بقاعية. وقال «ان إسرائيل لا تحترم عمل الآلية ولا أيًّا من الدول الراعية لاتفاق وقف الأعمال العدائية وغاراتها الجوية انتهاك فاضح لقرار مجلس الأمن 1701، ان صمت الدول الراعية تقاعس خطر يشجع على هذه الاعتداءات. ويجب أن تخدم الآلية جميع الأطراف، لا أن تكون وسيلة لتغطية اعتداءات إسرائيل. لقد آن الأوان لوضع حد فوري لهذه الانتهاكات السافرة لسيادة لبنان».

سلام:اين التزام اسرائيل؟
من جهته غرد رئيس الحكومة نواف سلام عبر حسابه عبر «إكس»، بالقول» يهمني ان اكرر إنّ الحكومة اللبنانية، المتمسكة بمسار وقف الأعمال العدائية، تؤكد أنّها منخرطة في اجتماعات الميكانيزم، لكن السؤال المشروع اليوم: أين هو التزام إسرائيل بهذه الآليات؟ وكيف يُعقل أن تستمر في ممارسة الترهيب والاعتداءات، فيما يُفترض بهذه الاجتماعات أن تضمن التطبيق الكامل للقرار 1701 ولوقف العمليات العدائية؟ وتابع سلام: «عليه، يدعو لبنان المجتمع الدولي، ولا سيّما الدول الراعية لاتفاق وقف العمليات العدائية إلى ممارسة أقصى الضغوط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها فورًا، والعودة إلى الآلية واتفاق وقف العمليات العدائية والتزاماته، بما في ذلك الانسحاب من الأراضي اللبنانية التي ما زالت تحتلها، ووقف الاعتداءات، والإفراج عن الأسرى.

الاعتداءات الإسرائيلية
وكان جيش الاحتلال شن موجة من الغارات على عدة مناطق في الجنوب، بعد أن أصدر إنذارات عاجلة لعدة مناطق فيه، استهدفت الغارات قرية دبين وثلاث غارات على بلدة ميس الجبل، وغارة على الشهابية واخرى على برج قالوية، وتوجهت سيارات الإسعاف إلى الأماكن المستهدفة ومعلومات عن إصابة شخص في الغارات على بلدة ميس الجبل، وشنّ الطيران ايضا غارة بصاروخين على بلدة كفرتبنيت مستهدفا المنزل المهدد. وكانت مسيرة معادية ألقت بعد ظهر امس قنبلة صوتية باتجاه بلدة يارين دون وقوع إصابات. ونفّذت مسيّرة صباحا غارة قرب الجامع في شبعا، من دون وقوع إصابات. كما ألقت مسيّرة قنبلة صوتية على تلة المحافر عند أطراف بلدة العديسة.

واشنطن غير راضية!
وفي موقف تحريضي جديد، وفي اطار ممارسة المزيد من الضغوط على الدولة اللبنانية، شدّدت السفيرة الأميركية في بيروت، ليزا جونسون، على أهمية الدور الذي يؤديه الجيش اللبناني منذ اتفاق وقف إطلاق النار، واصفة أداءه بـ»الجبّار»، لكنها رأت في الوقت نفسه أنه «غير كافٍ»، مشيرة إلى الحاجة إلى خطوات إضافية لتعزيز الاستقرار في البلاد! وفي موقف لافت، اعتبرت جونسون أن القرارات التي اتخذتها الحكومة اللبنانية في شهري آب وأيلول بشأن سحب السلاح «غير الشرعي» تُعدّ خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح، لكنها غير كافية بمفردها لتحقيق الأهداف المرجوة. وأكدت جونسون أن ما تحقق خلال الأشهر السبعة الأخيرة يفوق ما أُنجز على هذا الصعيد خلال السنوات الست الماضية، في إشارة إلى تسارع بعض الخطوات الحكومية في ملفات أمنية حساسة، بدعم من الجيش ومتابعة دولية.

مراحل الخطة
وفي سياق متصل، اكد نائب رئيس الحكومة طارق متري ان الحكومة رحبت بخطة قيادة الجيش لبسط سيطرة الدولة على الأراضي كافة بقواها الذاتية»، واعتبر أن «ما خلص اليه مجلس الوزراء كان بخلاف التوقعات فهو لم يؤد الى انقسام في البلد ولا يريد استعمال القوة ضد أي فئة للقيام بالمهمة التي عُهدت اليه»، واوضح ان «تمت الموافقة على اهداف خطة توم براك وليس على الخطة»، مشيرا الى ان «ما جرى في الجلسة سببه الانقسام السياسي الحاد في البلد وكون المبادرة الاميركية والورقة اللبنانية التي عدلها اللبنانيون في بعض أجزاء منها أقلقت بعض اللبنانيين، فيما عوّل لبنانيون آخرون على نجاحها». وكشف ان «الجيش وضع خطة من ثلاث مراحل، المرحلة الأولى منها لها مدة زمنية تنتهي بثلاثة اشهر وكل شهر سيقدّم الجيش تقريرا، أما المراحل الأخرى فليس من سقف زمني محدد لها.

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى